بصراحة و لمدة طويلة نسبيا من حياتي اللي اتشكلت خلال ال٣٢ سنة اللي فاتت، كنت واثقة إني مختلفة جدا عن فئة البنات "الصورة النمطية لهم تحديدا"...
كنت أسمع دائما استنكار الشباب و جملتهم المعتادة بإنه البنات "ما يعرفوا يقولوا إيش يبغوا"... و يستفزني هالشي جدا...
أنا؟ طبعا لا! مو كلنا كدا يا جماعة!
على الأقل أنا مو مثلهم...
أنا أعرف إيش أبغى و أعرف أقوله بالزبط زي ما أبغى...
و كبرت على فكرة إني مختلفة...
مرت السنين إلى الأسبوع سابق...
لأنصدم بالحقيقة المرة جدا لي...
بدأ الموضوع بأن صديقي سألني سؤال عادي تماما...
سؤال مافيه أي شي قد يوحي باهتمام أو قد تكون نتيجته شي له علاقة بأي مشاعر...
سؤال مباشر لشغلة نشتغل عليها...
لما جيت أجاوب ما أعرف كيف عقلي قرر إنه يجاوب عكس الجواب اللي أبغى أقوله... كنوع من اللي "لو مهتم تعرف لوحدك".
والله ما أعرف كيف كدا صار بس أظن دي أوّل مرة استوعب فيها إني عملت شي زي كدا.
اتخيليوا حوار زي:
هو: تظني نكمّل في تسويق الحساب بهذه الطريقة؟
أنا: أظن إيوه دا الخيار المنطقي و الصح.
هو: أوكي تمام اتفقنا يلا ننطلق!
أنا جوا عقلي: يا سلام... كدا على طول؟ طيب اسألني كويس! لدي الدرجة ما يعني لك رأيي... لو ما سألتني مرة تانية يعني إنت مو مهتم تشتغل معي فعلا!
الأدهى و الأمر إني كنت أبغاه يعرف لوحده إنه قصدي العكس تماما بدون حتى أي إشارات مني و عن بعد آلاف الكيلومترات! بدون حتى أن يراني ليستوعب.
المرحلة اللي بعدها كانت طبعا برعاية أغنية نانسي عجرم "في حاجات تتحس و ما تتقلش" و اللي أظن إنها قطعا سهّلت علينا نحن معشر البنات الموضوع جدا... كل اللي علي إني أرسل دي الأغنية إلى "من لم يفهم علي" و أتركه يغرق بحيرته تماما و هو يحاول يحزر فين غلط معي و إيش هو الشي اللي كان "المفروض" يعمله أو يظن إنه الأغنية وصلته بالغلط بكل تأكيد لأنه دا الخيار الأكثر منطقية وسط كل هذه الفوضى.
المهم، بعد كر و فر قررت إني أعترف لهذا الصديق إنه أنا كان قصدي كدا... و إنه إنت كان "المفروض" تعرف لوحدك!
لأنك "المفروض" إنك تعرفني و مقدّر جهدي في هذا الشي و تعرف إنه يعني لي.
هنا انفجر هذا الصديق في وجهي كأنبوبة غاز كنت أجرب صلاحيتها بكبريت نار...
كيف يعني "المفروض" أعرف؟ أضرب بالمندل؟ أقرأ الكف مثلا؟! ليش ما تعرفي تقولي إيش تبغي بشكل مباشر و صريح و واضح؟ ليش اللف و الدوران؟!
و هنا كانت لحظة مواجهتي لنفسي...
لا لا لحظة... أنا صريحة والله... أنا ما أعمل دي الحركات، طبعا أنا مابختبرك.
بالتأكيد اعتذرت منه و عقلي طبعا يقول إنه هو الغلطان ولازم يعرف يتعامل بشكل ألطف في المرات القادمة لأنه هو اللي مافهم لوحده مع إنه الموضوع واضح جدا.
الضربة القاضية كانت لما كنت أبغى شي محدد جدا من زوجي بس لسبب ما "مجهول لي لهذه اللحظة" قررت إني ما أجيب سيرته و أتحاشى أي شي ممكن يلمّح حتى للموضوع.
هل هو دهاء؟ هو خلل في العقل؟ هي هرمونات مضروبة؟ لا أملك أدنى سبب عن تصرفي الأحمق... إلا أنني استمريت فيه بشكل جدّى تماما و أنا آخدة طرف و زعلانة "مع نفسي، هو ما يعرف أصلا إني زعلانة".
انتظرته أن يعرف و يحس "لوحده" و انتظرت الكثير من الأيام قبل أن أفصح مكنون ما بداخلي بشكل هستيري متهمة إياه بعدم الاهتمام بي وإلا كان سيعرف بالتأكيد أنني أريد هذا الشيء "لوحده".
طبعا كانت ردة فعله هي الانبلاه على ما أقوله و الذهول حتما... أعتقد أنه كان يفكّر بداخله عن ما جرى لهذه المجنونة التي يعيش معها تحت سقف واحد... أنا لو كنت في مكانه كنت سوف أخاف على نفسي بالتأكيد و اتخذ احتياطاتي!
بعد أن هدأت العاصفة واجهت نفسي...
أنت تغيرت يا مروة... هذه ليست حركاتك... اعقلي ماهذا الهراء لماذا تفعلين ذلك؟!
اللعبة سهلة.. قولي رأيك بصراحة و وضوح.. لا تخافي مافي بعبع حياكلك... و كلهم عادي حيحبوك و يستمروا معاك..
بس حتما اللعبة تبدو ظاهريا أسهل بكثييير من وجودها داخل تلافيف عقلي.
قررت أن أقوم ببحث في عمو جوجل كي أكتشف هل أنا لوحدي؟ ولماذا نحن معشر البنات نفعل ذلك...
في الحقيقة سألت كل صديقاتي البنات لو كن واجهن مواقف مثل هذه و أقر الجميع بها...
حسنا... على الأقل اتفقنا لمرة على شيء واحد وهذا إنجاز عظيم لنا.
معظم الإجابات التي وجدتها كانت تدور حول الرغبة بالشعور بالاهتمام من الطرف الآخر، و كأنها اختبارات اثبات جدارة و كفاءة في هذه العلاقة أو على الأقل إثبات رغبة الطرف الآخر بإكمال هذه العلاقة مثلا...
يعني معرفتك بي و تخمينك لما قد أريده و محاولاتك المستمرة = أنك تحبني و تريدني في هذه الحياة و تريد أن تكون في حياتي "حتى لو بموضوع سخيف زي إنك تكون الخضرجي اللي أتعامل معه بشكل دوري".
دعونا نعترف أيضا و على هامش هنا أن ما يأتينا دون طلب تكون قيمته أعلى بكثير.
بالتأكيد نانسي عندما قالت في أغنيتها التي نكبت الجميع "ولو إنت عملتها بعد ما أنا أطلبها يبقى ما ينفعش" قد أصابت مقتل لدينا....
الاهتمام لا يُطلب. كما أن معرفتك لوجبتي المفضلة من مطعمنا المفضل هو نوع من الاهتمام الذي "لايطلب".
لم يقنعني جدا الجواب لكنني وجدت به مخرجا سهلا أستطيع أن أواجه به زوجي طبعا لكنني لن أستطيع أن أواجه موظف ماكدونالدز عندما أنتظر منه فهم رغبتي دون إفصاحي عنها.
مرت الأيام و مازلت أبحث عن هذا السبب الخفي الذي جعل عقولنا تعمل بهذه الطريقة... في الحقيقة و من الطريف جدا أنني وجدت مجموعة من المقالات العلمية التي تحاول تفسير هذه الظاهرة الغريبة مما يثبت وجودها مبدئيا... و هذا مقلق بحد ذاته...
لكن المثير للاهتمام أنني بعد ملاحظتي المستمرة بأنني أقوم بهذا الأمر أكثر بكثير من ملاحظتي له قررت أن أقوم بكتابة رسالة لإرسالها لكل من أعمل معهم فحواها التالي:
صديقي:
أنا أمر بمرحلة استكشاف لنفسي تبدو غريبة بعض الشيء... من أخطار هذه المرحلة أنني أقول أشياء لا أعنيها حقا و أرغب بأن تعرف أنت لوحدك ما أريده، أعلم أن هذا ضرب من الجنون لكنني أقسم لك بأنني لا أريد أن أجري أي اختبارات اهتمام معك... أنا حقا لا أعلم لماذا أفعل هذا... و إلى ملاحظة أخرى مني أرجوك أن تعاملني بهذا الأسلوب.
لا أستطيع في نهاية هذه السردة الغريبة غير أن أقول نصيحتين لمعشر الشباب في هذا العالم...
١- يخي ما يضرك تسأل مرة تانية، يمكن تعرف قصدي الحقيقي.
٢- جرّب تتسلى بهاللعبة معانا... حلوة والله وفيها الكثير من الإثارة و التحديات و الغموض.
للأسف انتهيت علاقه حب بسبب هدا التصرف ولين دحين مو عارفه كيف ارجعها كبريائي واقف في النص وغير كبريائي جملة جات براسي بعد هدوء عاصفه الفراق (احيانا لازم نبعد عن اللي نحب ونستنى عشان نشوف هل فعلا لنا مشاعر صادقه جواتهم او بيمثلو ليم يلقو فرصه للهروب ) والى الأن في هده الحيره مش عارفه كيف ارتبني من الداخل